قصة القلب المجروح ( قصة رائعة)
ليست هى من سكان وسط البلد ولا هى من صعاليكه أو رواده من الأرستقراطيين.. وليست هى واحدة من قائمة زواره من المفكرين والمثقفين.. ولا هى من تزاحمت قدماها وسط جلسات فنانيه البوهيميين.
ليست هى من طارقة بنوكه أو حاناته أو مزاداته أو نواديه!.. ولكنها فقط واحدة من الناس.. فتاة صغيرة.. كبرت وعرفت أن هناك طريقا ومكانا واحدا يأسر قلبها.. يمتع بصرها.. ويغذى عقلها.. يطلقون عليه «وسط البلد».
واحدة من الناس وقفت فى طابور سينما مترو فى ليلة «خميس» معتادة، وقهقهت مع الأصدقاء فى مقهى الأمريكين مساء.. رقصت فى «ماتينيه» لا باس «الروك» و«التشاتشا» و«التويست» كمان.. وأمام «فاترينة» «ديزيريه» لمعت عيناها أمام بريق الحذاء الأسود.. وفى «هانو» اصطحبها والدها بعد أن مرت من بوابة ينحنى فيها الحارس ترحيبا بالزائرين.
واحدة من الناس جهزتها أشهر «خياطة» بوسط البلد وولد طفلها الأول على يد طبيب بوسط البلد.
ومن قلب القاهرة تذوقت رونق العشاء الراقى.. ومن «أتيليه» القاهرة تعلمت رقى الفن المعاصر.
صخب وضوضاء وسط البلد كانت تشحنها بالحياة ورائحة بُنها البرازيلى أثارت دائما فيها الذكريات.
وسط البلد شاهد على السلام الآمن الذى عرفه أهلها، ونبض شوارعه لغة فريدة نطقت بها وترجمتها فنون عديدة.
هنا القاهرة الباريسية بروعة عماراتها وطرزها الأوروبية الكلاسيكية التى لن تتكرر.. هنا جمال من الشرفة، وزخارف لا تعرف الشجار.. هنا أقواس وأبواب وارتفاعات بنسب مدروسة تمر من خلالها وتسكن فيها بسلام.
وسط البلد متحف مصر المعمارى المفتوح بمكتباته الثرية ومسارحه العملاقة وأسواق «خضاره» وفاكهته الطازجة... وسط البلد هى مدبولى، وجروبى، وبنتريمولى وقهوة ريش وأنتيكات شارع هدى شعراوى.
إنها الذكريات.. ذكريات تفجرت بشجن وحنين عندما قادتنى سيارتى دون توجه مقصود داخل أحد شوارع «القلب الحزين» لتُصعقنى مبانيها الشاردة.. التائهة عن أصلها.. الضائعة عن معناها.. الخالية من هويتها... فنظرت إليها بحسرة، وتبادلت معها لغة حزينة صامتة خشيت أن يسمعها من حولنا من أصحاب الملبس الجديد!! والذوق القبيح والجهل «والتفسخ» الذريع!، وعندما «أفقت» من صدمتى قرأت يافطة تعلن عن مشروع تنسيق حضارى لمبان بوسط المدينة، فتمنيت فى هذه اللحظة أن تدق الطبول وتعزف الموسيقى ألحانا من الذكريات، أرقص وأنشد على أنغامها، لعل يوقظ صوتى ويحرك نبضى «أهل بلدى» لتتوهج فيهم الحياة وتعود المياه مرة أخرى لمجاريها من دم وروح أهلها.. وبعدها ستصبح للافتات تنسقنا الحضارى مكانتها الفاعلة.
رد: قصة القلب المجروح ( قصة رائعة)
ألف شكر على الموضوع
وبالتوفيق دائما
confused3chris تسلم أيدكbiggrinchris